شهيد الكلمة في الجزائر طاهر جاووت طاهر، يا شهيد الكلمة...أكتب لك ِ في ذكرى الغدر بك وبالكتابة، لا للرثاء.. لا لإحياء الذكرى كما كتبوا، بل لأ...
شهيد الكلمة في الجزائر طاهر جاووت |
طاهر، يا شهيد الكلمة...أكتب لك ِ في ذكرى الغدر بك وبالكتابة، لا للرثاء.. لا لإحياء الذكرى كما كتبوا، بل لأقول لك بحبيبك القلم : رسالتك وصلت... كقصتك تماما!... قبل السرد، ولأني أحب الأسئلة الفاتحة لأزرار الكتابة.. أريد أن أبدأ لك بسؤال: هل أبدأ لك بالرسالة أم القصة؟ ..
دعني أختار البداية كما اخترتها أنت.. بالقصة.. وأجمل القصص تلك القصيرة .. لأنها تنتهي بنا دوما إلا اللانهاية !.
القصة وصلتني يا " طاهر" ، أنا ابن جيل ما بعد " رنين الحداثة" الذي كتب عنه صديقك الفيلسوف المغدور به مثلك بختي بن عودة ، القصة وصلتني ، أنا ابن الأزمة التي أسالت حبرك ودمعك ، انا ابن جيل سرق حاضره ومستقبله، جيل كان " إنتاجا غبيا خالصا" لآلة الخبث ، لآلة الشرعية الزائفة و التاريخ المطموس ِ لخدمة الحاضر بعشوائية وبناء المستقبل بعين عمياء خفية .
نعم ...القصة وصلتني يا طاهر ..
ولأنك تحب الأسئلة مثلي ، أعرف أنك تسأل : عبر من ؟ .. القاص ُ وصفك قبل ميلادي بالنبي ، بقيصر الكلمة الصريحة ، المثيرة والمؤثرة !
الشخص هو نفسه من أرسل لك تلك العبارات التي مازال يكررها حتى اليوم بفخر : (-إذا برهن الجزائري يوما أنه يحسن الكتابة للمرة الثانية بعد " كاتب ياسين" و " محمد ديب" ، فالفضل يعود لطاهر جاووت ..
- بالألم تكتب يا طاهر ، لذلك الشعر عاصمة كل ما تكتب .
- قلمك فأسُ ، يقتل ولا يدفن !
- ما تكتبه مادة ُ أتغنى بها لمن أحب ، كما أصفي بها حسابي مع من أكره ..أنت الوحيد الذي به أحب.. و به أكره أيضا..! الأزمة ستنجب لنا جيلا دون فكر ، لذلك هم مصرون على تكسيره هاته المرة بفأس ِ الدين و الغدر !) ... وغيرها من العبارات التي كانت تصلك عبر رسائله لمقر جريدتك Rupture ،
قال لي أنك أجبت عنها عندما التقيته في "البليدة" بسؤال : ولما الفأس دوما في رسائلك يا أخي ؟ .. يومها فرح ِ كطفل ٍ، لأنه تأكد من انك تقرأ رسائله، كما بكى بعدها، عندما أطالتك " الفأس" ،دون أن تعرف الجواب !
ولأن قصتك أصيلة ُ ، تركت في ذاكرته أثرا أيضا .. الأثر الذي يقصه لي في كل مناسبة يذكر فيها اسمك : ( عندما كٌفرت السلطة "طاهر" عبر غباء " الإسلاميين" ..أشهرت كفري ...كفر " طاهر " دين ، سليل الحق والحرية ..بينما " دينهم" فهو الكذب و التصنيع الماكر ، أنا ُ مثل " طاهر جاووت " نكفر بدين " السلطة" إلى يوم الدين .) .. مازال يقص لي كل ما قمت به في التسعينات عندما توغلت إلى الوكر الذي كانوا يخبئون فيه السم ، وكر" الحزب الواحد " و " حزب الواحد الأحد" مزين بلحي " ماكلي" و" بني مسوس" المخضبة بالدماء البريئة . نعم قصتك وصلت تامة ..كاملة ...لذلك صدقني : حتى أنا أكره ما تكرهان !
عن الرسالة ...فعنوانها : حب التمرد فيك ..
أدركت هذا في كل مرة أعطي فيها رأيا سياسيا في حضوره ، إلا وابتسم قائلا : ( "بسيط" .. هذا من رأيي " عمار" و " طاهر" رحمهما الله..). أدركت هذا قبل سنتين أيضا عندما نشر لي الصديق " علي مغازي" مقالا في إحدى الصحف الجزائرية تطرقت فيه إلى كيفية سرقة السلطة لربيع الجزائريين للمرة الثانية... يومها قرأ العمود بالدمع ، قائلا لوالدتي : (انجبنا يساريا " برهوشا" كعمار وطاهر... دون أن ندري... ) ربما يكون قد بالغ ، لكن حبه لكما جعل جملة المقارنة ضروري حضوركما فيها ،
كنتما هرمي " الكتابة الجزائرية " في "قاموسه" ..ولا زلتما كذلك .
كان يحبك(ما) ، يحترمك (ما)، ولا يزال .. لذا بكى مرتين متتاليتين ، يوم رحيلك ورحيل المفكر " عمار بلحسن" ! الرسالة وصلت ، كالقصة تماما .. مازلت حاضرا معه، كما معنا. لذلك كنت كغيرك من الشرفاء من تعود عليه(م) جملة : لن تموت(وا) !
أبلغك سلام .. كلمات ، وورد "والدي" ... رحمك الله !
(*) : كتبت لك ، بــ"طاهر" لا بــ"جاووت" ،لأن " والدي" يناديك " بــ: طاهر . هكذا .. !!
باسط سعيد ...الجزائر العاصمة : 27/05/2013
تعليقات