أضعف وأفقر مسلم.. أقوى وأغنى من دولاند ترامب

محمد ياسين رحمة .. الوطن العربي هو أكبر قوة في العالم، ويُمكنه في القليل من السنوات أن يعيد ترتيب كوكب الأرض بما يليق بإنسانية الإنسان...


محمد ياسين رحمة .. الوطن العربي هو أكبر قوة في العالم، ويُمكنه في القليل من السنوات أن يعيد ترتيب كوكب الأرض بما يليق بإنسانية الإنسان ورسالته الحقيقية في هذا الوجود.. واستهداف الوطن العربي وزراعة بؤر التوتّر والانفجار المُستدامة على خارطته ليست من أجل ثرواته وجغرافيته ومختلف موارده المادية والبشرية فحسب، ولكن باعتباره الحامل الأول للدين الإسلامي بكل ما يعنيه الإسلام من قدرة على بناء الإنسان والأوطان وفق قيم الخير والعدل والجمال.. فالإسلام هو أعظم قوة وثروة يمتلكها الوطن العربي، قوة في وسعها اختزال الزمن الحضاري.. والإسلام هو القوة الوحيدة التي في وسعها تخليص الكائن البشري من كل أشكال الظلم والقهر والاستلاب المُمارس عليه في مختلف مجالات الحياة وعلى اختلاف جهات الأرض الأربعة.

ما يحدث على خارطة الوطن العربي هو حربٌ على الإسلام، وهذه الحرب لها تاريخ ضاربٌ في القرون.. تغيّرت أشكالها ووسائلها ولكن جوهرها ومنطلقها لم يتغيّر، فقد انطلقت بالحرب على الإسلام ومحاولة ضربه – من الخارج- وتشويهه وتحريفه وتزييف رسالته بوسائل أجنبية، ثم صارت حربا على المُسلمين ومحاولة ضرب الإسلام على أراضيه بموجات الاستعمار وتفكيك الخارطة العربية، وهي الآن حرب ترتكز على ضرب الإسلام بالمُسلمين أنفسهم ومحاولة تغريب الإنسان العربي عن دينه ولغته وتيئيسه من كل أمل في الخلاص من التيه الحضاري الذي يحياه.. 

ولم يعد خافيا ذلك التدخّل المريع في ضبط برامج التربية والتعليم و"فرض" المناهج التعليمية الغربية في كثير من الدّول العربية، بل وصل الأمر إلى مجال التشريع القضائي فيما يختص بالأسرة والمواريث.. وإذا أضفنا إلى كل هذا، تشويه العلماء الموثوقين أو توريطهم في "ألعاب" سياسية تذهب بمصداقيتهم بين الناس، والتضييق على كثير من العلماء أو إبعادهم عن مشهديات الأحداث بطرق وأشكال وصلت حدّ السجن.. سنصل إلى "برنامج" التشكيك في كل عالم يمكنه أن يكون مرجعية إسلامية موثوقة، وربما يأتي يوم، ولا نراه بعيدا، سيكون المسلم هو مرجعية نفسه دينيا، بمعنى أن هذا المسلم المغترب عن لغته سيفهم الإسلام حسب احتياجاته ويكيّف القرآن حسب فهمه وتأويله وبما يحقّق مصالحه الخاصة.

ولو أحصينا تاريخ السلام على خارطة الوطن العربي على امتداد قرون فلن نجد بأنه استمر لأكثر من سنوات قليلة.. لأن "السلام العربي" يعني نهاية قوى الشّر المهيمنة على العالم، فهذه القوة أدركت مبكّرا بأن الإسلام هو أعظم قوة وثروة يمتلكها الإنسان العربي، ولكن هذا الإنسان العربي لا يعي هذه الحقيقة وليس مستعدا ليعيها ولا يبدو أنه يمتلك القابلية ليعيها.. لا سيما بعدما تم استثمار التطّور التكنولوجي في "تهجير" الإنسان العربي روحيا حتى عن بيئته العائلية، وزرع التشكيك في كل ما هو "إسلامي" من خلال ضرب العلماء و"إعدام" المُسلم المثال، وتحريض "العقل" على تكييف فهم الدين تبعا للأهواء الخاصة تحت مسميّات حرية التفكير وغيرها.. فنحن في مرحلة تحمل عنوان: من يمتلك الفهم الصحيح للدين الإسلامي في خضّم الفوضى العارمة لإساءة فهم الدين..؟
ما أريد الخلاص إليه بأن أبسط إنسان مُسلم يُفترض بأنه أكثر ثراء وقوة من أيّ إنسان آخر فوق الأرض.. وهذه هي نقطة الوعي التي لا تريد قوى الشرّ المهيمنة على العالم بأن يصل إليها الإنسان العربي، فهي تريد لهذا الإنسان العربي بأن يكون ذلك اللامنتمي حتى إلى بيئته العائلية، يحيا في القلق والاضطراب وفوضى أعماقه الداخلية، وأقصى أمنياته هي الأمان والخبز وليس أكثر.. ومجال حريته لا يجب أن يتجاوز حدود اللغة وما تتيحه من فتوحات في ميادين الحلم والافتراض وليس أكثر. وما يحدث على خارطة الوطن العربي على إخلاف المسمّيات والأشكال وسواء كانت حروب أو ديكتاتورية أو فساد أو فوضى.. هو في النهاية تدمير للإنسان قيميا وأخلاقيا وتغريبه عن "حقيقته" الصحيحة، وهو في الحين ذاته تدمير للأوطان باستنزاف الثروات الطبيعية و"اغتيال" أيّ أمل اقتصادي حقيقي يمتلك مقومات الاستمرار والمنافسة.

إن ما تراه قوى الشّر الهدّامة في الإنسان العربي أعمق وأبعد ممّا يراه هو في نفسه، فهي تمتلك الرؤية الاستشرافية منذ قرون لما يُمكن أن يكون عليه العالم إذا وعى الإنسان العربي قوته وثروته الحقيقية وتمسّك بالإسلام الصحيح.. والسؤال الساذج الذي يجب أن يُطرح: هل تسمح أيّ قوة في العالم بأن تُوجد دولة عربية – واحدة - قوية اقتصاديا وعسكريا ومستقرة سياسيا ويحيا إنسانها متصالحا مع هويّته وانتمائه الإسلامي الصحيح؟، ليس مهما البحث عن جواب، فما أكثر الأجوبة التي تطارد أسئلتها في وطننا العربي وتبحث عمن يسألُها بجرأة وشجاعة وإرادة على مكاشفة الذات.. وربما أن السائد هو تصنيع الأسئلة التي تعيق العقل العربي عن إدراك الشكل الاستعماري الجديد الذي يأسره الآن تحت مسمّيات ساحرة من قبيل الديموقراطية وحقوق الإنسان.. وباقي المسمّيات التي يفتقدها حتى مواطن دول قوى الهيمنة العالمية في تفاصيل حياته اليومية.

هكذا يُراد للإنسان العربي أو حامل الإسلام "الصحيح" أن يبقى بعيدا عن كلّ وازع يحرّك فيه "شهوة" إدراك قوته وثروته الحقيقية، ومُرتهنا بفوضى واقعه وأعماقه.. فالوصول إلى نقطة الوعي تلك، تجعل من الإنسان العربي أكبر خطر على أهمّ مشروع لقوى الهيمنة العالمية وهو مشروع خلق "الإنسان العالمي" القابل للبرمجة تكنولوجيّا..

تعليقات

الاسم

حواريات,3,رياض فاتح,1,صورة وتعليق,4,ضربة حرف,35,متابعات ثقافية,5,متابعات منوعة,1,من أقوالي,18,
rtl
item
نقطة فاصلة: أضعف وأفقر مسلم.. أقوى وأغنى من دولاند ترامب
أضعف وأفقر مسلم.. أقوى وأغنى من دولاند ترامب
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNopVapIVcxhiItRx-SuoHT0CSNr_Vc6fqwZL8jBjqZpvz-600h65uLll0HHW30pg94y3l4LiFsJf1Eh_DBVgK0pABV3KMpeENUC7tzv0LYSZQsNZ3swbZJGOVhBnljhUnvLYuZYi1ZNs/s1600/%25D8%25A3%25D8%25B6%25D8%25B9%25D9%2581+%25D9%2588%25D8%25A3%25D9%2581%25D9%2582%25D8%25B1+%25D9%2585%25D8%25B3%25D9%2584%25D9%2585..png
https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNopVapIVcxhiItRx-SuoHT0CSNr_Vc6fqwZL8jBjqZpvz-600h65uLll0HHW30pg94y3l4LiFsJf1Eh_DBVgK0pABV3KMpeENUC7tzv0LYSZQsNZ3swbZJGOVhBnljhUnvLYuZYi1ZNs/s72-c/%25D8%25A3%25D8%25B6%25D8%25B9%25D9%2581+%25D9%2588%25D8%25A3%25D9%2581%25D9%2582%25D8%25B1+%25D9%2585%25D8%25B3%25D9%2584%25D9%2585..png
نقطة فاصلة
http://yacine-rahma.blogspot.com/2018/12/blog-post.html
http://yacine-rahma.blogspot.com/
http://yacine-rahma.blogspot.com/
http://yacine-rahma.blogspot.com/2018/12/blog-post.html
true
7126080012703851322
UTF-8
تحميل كل الموضوعات ليس هناك أي موضوع مشاهدة الكل تابع القراءة تعليق مسح التعليق حذف الناشر الرئيسية الصفحات الموضوعات مشاهدة الكل اقرأ أيضا قسم أرشيف ابحث كل الموضوعات لم يتم إيجاد موضوع يطابق بحثك عودة إلى الرئيسية الأحد الاثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس الجمعة السبت جانفي فيفري مارس أفريل ماي جوان جويلية أوت سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر جانفي فيفري مارس أفريل ماي جوان جويلية أوت سبتمبر أكتوبر نوفمبر ديسمبر اللحظة قبل دقيقة $$1$$ قبل دقيقة قبل ساعة $$1$$ قبل ساعة أمس $$1$$ قبل يوم $$1$$ قبل أسبوع قبل أكثر من 5 أسابيع متابعون تابع محتوى مشروط اضغط لفك التشفير انسخ الكود ظلّل الكود تم نسخ الكود في الكيوبرد لم يتم نسخ الكود/ النص, اضغط [CTRL]+[C] (or CMD+C with Mac) للنسخ