"الإنساني المسخ" القابل للفرمطة وإعادة البرمجة فكريا وشعوريا هو المشروع الذي اشتغلت عليه القوى الهدّامة طيلة عقود، هو المش...
"الإنساني المسخ" القابل للفرمطة وإعادة البرمجة فكريا وشعوريا هو المشروع الذي اشتغلت عليه القوى الهدّامة طيلة عقود، هو المشروع الذي يُطلقون عليه "الإنسان العالمي" الذي ينتمي إلى القرية الصغيرة التي نسمّيها العالم.
الإنسان المسخ أو الإنسان العالمي يحمل هموم العالم بأسره وهو عاجز أن يحمل هموم أسرته وحتى همومه الشخصية.. يعارض وينتقد ويطمح أن يحدث التغيير وفق رؤيته لتأسيس وطن فاضل، ولكنه لا يبدأ بنفسه في الاعتراض على نمط عيشه، وفي انتقاد علاقته بالحياة، وفي الانطلاق بالتغيير من نفسه أولا.
هذا الكائن الآدمي العالمي الممسوخ هو كائن لامنتمي.. هو مُسلم ينتمي إلى الإسلام ولكن "إسلامه" ينتهي هند عتبة المسجد أو بعد طيّ سجّادة الصلاة، وبعدها يغرق في تفاصيل حياته اليومية المشبعة بالكذب والخداع والزيف والمُحرّمات. وهو عربيٌّ ينتمي إلى اللغة العربية ولكنه غريبٌ عن قواعدها وقواميسها ودلالات ألفاظها. وهو منتمي إلى وطنه ولكنه يختزل "كل الوطن" بجغرافيته وتاريخه وثرواته وأجياله في الظرف الزماني الذي يحياه هو عمريا وفي "كمشة" مسؤولين فاسدين يحكم ويحاكم الوطن من خلالهم.. حتى أنه لا يعبأ بالزبالة في شارعه أو حيّه (تنظيف المحيط هو تعبير عملي عن الانتماء للوطن).
هو كائن لامنتمي ومضطرب في علاقته بعقيدته ولغته وواقعه وتاريخه وهويته وذاته، وغير متصالح ومتصارح مع نفسه ولا يمتلك الجرأة لفعل ذلك.. يسلّم بأن العفن قد أصاب كل ما حوله في بيئته الطبيعية والعملية والمجتمعية، ولكنه لا يتجرّأ بأن يصارح نفسه إن كان هو ذاته جزء من العفن، هكذا تم برمجته ليرى العفن في الآخرين وفي مجالات الحياة، ثم يرى نفسه مثالا للمُخلّص (مشروع رئيس دولة).
وما يحدث على الخارطة العربية خاصة في مجالات الأمن والاقتصاد والسياسة والإعلام والفن و"الدين".. يدخل في سياق مشروع تصنيع "الإنسان المسخ" اللامنتمي.
كثيرون لن يقبلوا "فكرتي".. لأنني في النهاية جزء من جماهير الفئران التي تم عليها تجريب مشروع الإنسان المسخ.
تعليقات