محمد ياسين رحمة - ليلة الاحتفال بالعيد الوطني للترفاس، اشتعل شارع "سيدي الصحبي" بكل أنواع النيران المستعدية والمعادية والصديق...
محمد ياسين رحمة- ليلة الاحتفال بالعيد الوطني للترفاس، اشتعل شارع "سيدي الصحبي" بكل أنواع النيران المستعدية والمعادية والصديقة والباحثة عن الصداقة، وقرقع الغاشي من الزنبريطو ما يكفي لسقاية جنان بشاغا.. وعند أولى أنفاس الصبح، كان شارع "سيدي الصحبي" غارقا في الصمت الرهيب وكأنه لم يعش الاحتفال والاشتغال والقرقعة، ولم يوقظ الشارع إلاّ وقع عصا الشيخ بوطرباقة الأعمى وهو عائد من صلاة الفجر.
تعثّر بوطرباقة بشيىء ما، فمدّ يديه يتحسّس هذا الشيىء اللين الرطب.. وباغته صوتٌ منطفىء ومُجهد ٌينفلت من هذا الشيء يدعوه بأن يسارع إلى طلب النجدة، ويؤكّد له: قتلني البلاّرج ولد لحرام. فعرف بوطرباقة بأن الصوت هو للجنيّة رهواجة أم الزين، ولكنه لم يطلب النجدة، ولم يسأل، ولم يبحث عن إجابة.. عطّل تفكيره ووعيه، وترك يديه تستكشفان جغرافية الجسد بلهفة طفل أضاع لهّايته بين وسادتين.
انتبه بوطرباقة على أصوات الناس تحاصره من كل الجهات، وهو في نصف غيبوبة لا يدري كم مضى من الوقت وهو في مقام رهواجة بين المسجد والبيت.. وصعقه السؤال: من قتلها يا بوطرباقة، من قتل رهواجة أم الزين؟ وقد كانت المخلوقة غارقة في خارطة من الدمّ المتلبّد على أسفلت الشارع.. فلم يزد بوطرباقة أكثر من العبارة: قتلها البلاّرج ولد لحرام.
أثبتت لجنة التحقيقات التي شكّلها حكماء شارع "سيدي الصحبي" بأن الشيخ بوطرباقة الأعمى بريىء من دم رهواجة أم الزين، وتم القبض على البلاّرج الذي نصب عشّه منذ سنوات طويلة فوق صومعة المسجد، فقد شاهد كل تفاصيل الجريمة ولكنه تستّر على الجاني ولم يُبلغ عن حالة شخص في حالة خطر، ثم أُطلق صراح البلاّرج لأن القانون لا يحاكم أصحاب الريش والمُريّشين، ويُقال بأن لجنة التحقيقات رأسها البلاّرج.. وهو ولد حرام حسب الروايات التاريخية لغاشي يعتبر قرقعة الزنبريطو من عاداته وتقاليده الموروثة منذ وضع القائد "سيدي الصحبي" عقالا أسودا على رأسه حزنا على سقوط غرناطة.
لأن القانون لا يحاكم أصحاب الريش والمُريّشين.... صدقت والله صدقت
ردحذف