في فيلم كرنفال في دشرة، يجتمع أعضاء المجلس البلدي لتقديم مقترحات لتنمية البلدية، ومن بين تلك المقترحات إنشاء مصنع الروينة بغرض تصديرها...
في فيلم كرنفال في دشرة، يجتمع أعضاء المجلس البلدي لتقديم مقترحات لتنمية البلدية، ومن بين تلك المقترحات إنشاء مصنع الروينة بغرض تصديرها إلى الخارج.. والروينة هي أكلة تقليدية تختلف طريقة تحضيرها من منطقة جزائرية إلى أخرى، والروينة المقصودة في الفيلم تعني المادة التي يتم تحضيرها بشكل أساسي من رحي نوع من التمر اليابس..
وصار تصدير الروينة من النكت التي يتداولها الجزائريون للسخرية مما تنتجه الجزائر وتصدّره خارج مجال المحروقات..
لكن مواطنا جزائريا من الشمال الشرقي للجزائر اقتنص الفكرة ودرس القيمة الغذائية والصحية للروينة ومدى إمكانية تصنيعها وتصديرها إلى الخارج.. وأقام مشروعه، وصنّع الروينة التي تعتمد على التمر اليابس.. ولاقى منتوجه قبولا كبيرا في الخارج، وصار يصدّر الروينة، كمنتوج غير قابل للمنافسة، بشكل أساسي إلى كندا وأمريكا وبعض دول أوروبا..
الروينة التي سخر منها "البومباردي" في "كرنفال في دشرة" وجعل الجزائريين "يموتون" من الضحك على فكرة تصديرها صارت منتوجا غير قابل للمنافسة ويُباع بأثمان لا يقدر عليها أغلب الجزائريين..
وما لا يعرفه الكثير من الجزائريين أن نوع التمر الذي تُصنع منه الروينة، هو الذي احتكرت روسيا استيراده من الجزائر منذ سبعينيات القرن الماضي، وتعتمد عليه في صناعة أجود أنواع خمور الفودكا..
ما كتبته ليس "دفاعا" عن الروينة ولا دعوة إلى تثمينها في بورصة "العقل" الجزائري الذي لا يعي أن في موروثه الشعبي ما هو قابل للاستثمار والدخول به إلى الأسواق العالمية، ولا يتطلّب الأمر أكثر من مسح طبقة الكلس التي على الطبقة الرمادية والتحرّر من الأفكار المُسبقة.. والتسلّح بالإرادة والمعرفة العلمية والمبادرة بلا خوف من الفشل ومن الذين يزرعون الفشل في طرقات الساعين إلى النجاح..
ما كتبته، كان بمناسبة منتوج في علبة أنيقة ذات تصميم رائع، مكتوبٌ عليه روينة.. عرفتُ أنه انطلق من نكتة ساخرة وانتهى إلى قصّة نجاح كبيرة.
وحتى لا نظلم كل إرادة خيّرة تستثمر في الموروث الشعبي، فهناك مبادرات كثيرة استطاعت أن تعيد إنتاج مشتقات التّمر وفق القواعد العلمية والتقنية الحديثة، مثل عسل التمر وقهوة نوى التمر وخلّ التّمر وصابون التمر وبعض المواد التجميلية مثل الأقنعة المُطهّرة لبشرة الوجه وغيرها من المنتوجات.. وكلها منتوجات لها قيمة صحيّة علاجية ودوائية مُثبة بالبحوث والدراسات.. ولعلها منتوجات ستلقى، كما الروينة، طريقها إلى الأسواق العالمية ولن يعرفها الجزائريون..
تعليقات